أشارت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو، الثلاثاء إلى عزمها خفض توزيعات الأرباح بنحو الثلث خلال العام الجاري، مما يعني تخصيص أموال أقل للدولة السعودية التي تسابق الزمن لاستكمال العديد من المشروعات الضخمة وقد يتسع عجز الميزانية لديها.
وقالت أرامكو إنها تتوقع الإعلان عن إجمالي توزيعات أرباح بقيمة 85.4 مليار دولار في عام 2025، بانخفاض حاد عن مدفوعات تزيد عن 124 مليار دولار في 2024، والتي أوضحت أنها استندت إلى إيرادات العام الماضي والسابق.
وتمتلك الحكومة بشكل مباشر 81.5 بالمئة في أرامكو، بينما يسيطر صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي) على 16 بالمئة أخرى. وتعتمد الحكومة السعودية منذ وقت طويل على مدفوعات الشركة للاستثمار في عدة قطاعات بهدف تقليص اعتماد الاقتصاد على إيرادات النفط. ويشمل ذلك بناء أو تجديد 15 ملعبا لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2034، وهو الحدث الأبرز من بين العديد من الأحداث الرئيسية التي ستستضيفها المملكة.
وتضمنت توزيعات أرباح أرامكو لعام 2024 نحو 43.1 مليار دولار من توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء، وهي آلية بدأ تطبيقها في 2023 بالإضافة إلى توزيعات الأرباح الأساسية التي يتم دفعها بغض النظر عن النتائج.
وأعلنت الشركة توزيعات أرباح مرتبطة بالأداء بقيمة 220 مليون دولار ستدفعها في الربع الأول من 2025، كما توقعت أن يبلغ الإجمالي للعام بأكمله 900 مليون دولار، وهو انخفاض يعادل 98 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

تراكم الديون
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، إن المدفوعات غير المسبوقة في 2024 كانت «ضرورية للحد من العجز في العام الماضي وتراكم الديون». وقدرت أن عجز الميزانية لدى المملكة سيتسع إلى أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 من 2.8 بالمئة العام الماضي.
وأضافت «يبدو أن الميزانية تتجه نحو تقليل الإنفاق، وكانت هناك بالفعل علامات على تراجع الإنفاق الحكومي» في الربع الأخير من العام الماضي.
وينفق صندوق الاستثمارات العامة الذي يدير أصولا بقيمة 925 مليار دولار بمستويات مرتفعة بهدف إصلاح الاقتصاد. وتشير حصته في أرامكو إلى أنه تلقى توزيعات أرباح بلغت نحو 20 مليار دولار العام الماضي.
وقالت أرامكو إن صافي الدخل انخفض بأكثر من 12 بالمئة إلى 106.2 مليار دولار في 2024، كما تراجع التدفق النقدي الحر العام الماضي بنحو 16 بالمئة عن 2023 إلى 85.3 مليار دولار.
وأضافت في عرض تقديمي أن متوسط سعر النفط المحقق انخفض إلى 80.2 دولار العام الماضي من 83.6 دولار في 2023.
وعزت الشركة في بيان للبورصة تراجع صافي الربح إلى «تأثير انخفاض الإيرادات والدخل الآخر المتعلق بالمبيعات، وارتفاع تكاليف التشغيل، وانخفاض دخل التمويل والدخل الآخر».
زيادة محتملة في الإنتاج
قال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر إن الشركة ستستفيد خلال العام الجاري من ارتفاع الطلب على الخام وقرار الدول الأعضاء في أوبك+ زيادة الإنتاج تدريجيا بداية من أبريل نيسان.
وقال للصحفيين «أي زيادة في الإنتاج ستفيدنا بالتأكيد، لدينا طاقة إنتاجية إضافية... السوق تمر بدورات، والمرونة ضرورية».
وتضخ أرامكو نحو تسعة ملايين برميل من النفط الخام يوميا، أو ما يعادل نحو ثلاثة أرباع طاقتها، منذ منتصف 2023 عندما أعلنت المملكة عن أكبر خفض في الإنتاج منذ سنوات بالإضافة إلى التخفيضات السابقة المتفق عليها في تحالف أوبك+ للدول المنتجة للنفط.
وقال الناصر إن ثلاثة ملايين برميل يوميا من الطاقة الفائضة يمكن استغلالها في غضون أسابيع إذا لزم الأمر.
وأضاف «يمكننا تدبر الأمر. لدينا برنامج رأسمالي يتسم بالحذر وبرنامج مرن... لكن زيادة الإنتاج ستكون لصالح أرامكو السعودية».
وأعلنت أرامكو التوزيعات المرتبطة بالأداء بعد تحقيق أرباح وفيرة في 2022 حينما ارتفعت أسعار النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
توزيعات مرتبطة بالأداء
وقال الرئيس التنفيذي للشؤون المالية زياد المرشد «في العام الماضي، توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء كانت عن عامين، وليس فقط 2023، بل كانت تغطي 2022 و2023، ولهذا السبب رأيتم زيادة».
وقال محللون لدى سيتي جروب في مذكرة إن من الصعب تجنب انخفاض مثل هذه التوزيعات في ضوء التوقعات الصعبة المحتملة لأسواق النفط هذا العام، وعبروا عن شكوكهم فيما إذا كانت الأسواق قادرة على استيعاب زيادة الإنتاج دون انخفاض الأسعار.
وقال بنك جيه.بي.مورجان اليوم الثلاثاء إنه يتوقع انخفاض العائد على توزيعات الأرباح إلى 4.9 بالمئة هذا العام من أكثر من ستة بالمئة في 2024.
وتوقع جيه.بي.مورجان الشهر الماضي ألا تدفع أرامكو توزيعات أرباح مرتبطة بالأداء عن 2025.
وقال محللون في جيه.بي.مورجان إن المعدل أقل من شركات النفط الكبرى ولكنه مبرر بالعوائد الأعلى وقدرة أرامكو على الحفاظ على مدفوعاتها وسط انخفاض أسعار النفط.

(رويترز)