قالت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية إن محافظي البنوك المركزية العالمية في حالة استعداد لخفض تكاليف الاقتراض بصورة أكبر، ولكن مثل هذه الخطوة يشوبها الحذر، حيث تتجه أعينهم نحو سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دولاند ترمب.

وأردفت الوكالة في تقرير لها، أنه في حين أن معظم الاقتصادات الكبرى من المفترض أن تشهد تخفيفا في السياسة النقدية خلال العام الجديد، فمن المرجح أن تكون وتيرة ذلك بطيئة.

وأضافت “بلومبيرغ” أن بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) حول انتباهه بالفعل إلى خطر التضخم المتجدد، الأمر الذي حد من احتمالات تخفيف السياسة النقدية إلى حد كبير في الوقت الحالي، وذكرت أن بلدان أخرى من منطقة اليورو إلى المملكة المتحدة، مستعدة لمواصلة خفض تكاليف الاقتراض لدعم النمو الاقتصادي، ولكن دون أي إشارة إلى التعجل في ذلك.

وأشارت إلى أن الرئيس ترمب يشكل حضورا مخيفا بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم، حيث إن الرسوم الجمركية التي هدد بفرضها قد تلحق الضرر بالنمو الاقتصادي، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك أيضا في حالة اتخاذ إجراءات انتقامية.

وبدوره، نفى ترمب تقريرا لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية يفيد بأن مساعديه يدرسون تقليص خطته للتعريفات الجمركية بحيث تنطبق فقط على واردات حيوية محددة.

وقال ترمب في منشور على موقع “تروث سوشال” أمس: “القصة التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”، نقلا عن مصادر مجهولة، والتي لا وجود لها، تنص بشكل غير صحيح على أن سياستي للتعريفات الجمركية سيتم تقليصها. هذا خطأ”.

وانخفض مؤشر الدولار ، الذي يتتبع العملة مقابل سلة من ست عملات، في البداية بأكثر من 1%. وفقا لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

إلا أن الصحيفة ذكرت أن الدولار قلص خسائره إلى 0.6% خلال اليوم، بعد أن نفى ترمب التقرير ووصفه بأنه “أخبار كاذبة”. وتخلى اليورو، الذي ارتفع في البداية بنحو 1.2% إلى 1.043 دولار في أعقاب التقرير، عن بعض مكاسبه ليتداول عند 1.038 دولار بعد نفي الرئيس المنتخب.

كما ارتفع الجنيه الإسترليني، الذي كان أفضل عملات مجموعة العشر أداء مقابل الدولار العام الماضي، في وقت سابق إلى 1.255 دولار قبل أن يتراجع إلى 1.251 دولار، وفقا للصحيفة البريطانية.

ونقلت الصحيفة عن كريس تيرنر، رئيس الأسواق العالمية في مجموعة “آي إن جي” القول ، أن التقرير الذي يفيد بخفض الرسوم الجمركية أثار ارتفاعا في اليورو مقابل الدولار، مع آمال في إعفاء شركات صناعة السيارات في المنطقة من الرسوم. وأضاف أن الرسوم الجمركية قد تكون أيضا ذات أثر تضخمي أقل مما كان متوقعا في البداية.

ومن جانبها، لفتت وكالة “بلومبيرغ” إلى أن جيروم باول رئيس البنك المركزي الأمريكي قد أعرب عن قدر لا بأس به من الثقة في أن السياسة النقدية ستظل مقيدة بشكل ملموس، وأن التضخم سيستمر في التحرك نحو الانخفاض. ولكن بناء على توقعات تضخم جديدة وتوقعات ما يسمى بمعدل الفائدة المحايد (الذي لا يساهم في تحفيز الاقتصاد ولا في تقييده) يبدو أن العديد من زملائه أكثر تشككا.

وهذا من شأنه، وفقا لـ”بلومبيرغ” أن يؤدي إلى تصاعد مستوى التوتر بين مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مع وجود مصدر آخر للتوتر يلوح وهو أن الرئيس المنتخب يحب أسعار الفائدة المنخفضة وأسواق الأسهم المرتفعة، وقد يستفزه كما حدث في الماضي، الفجوة بين أسعار الفائدة القياسية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، والتي من المتوقع أن تتسع في عام 2025.

وذكرت أن البنك المركزي الأوروبي شرع في مسار ثابت لخفض أسعار الفائدة، والذي من المرجح أن يرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 2% بحلول منتصف هذا العام في سلسلة من الخطوات المتتالية التي تبلغ كل منها ربع نقطة مئوية. وفي حين طرح بعض المسؤولين خيار التحركات الأكبر، فإن الأغلبية لا ترى أي ضرورة ملحة لزيادة الوتيرة.

وأردفت أنه في حين من المتوقع أن يستقر التضخم الرئيسي عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% في عام 2025، فإن أسعار الخدمات لا تزال ترتفع بمعدل يكاد يكون ضعف هذا المعدل. ومن المتوقع أن يتعافى النمو الاقتصادي بعد فترة هدوء شتوية، مدعوما بانتعاش الإنفاق الخاص.

وأشارت الوكالة إلى أن بنك إنجلترا “البنك المركزي البريطاني” يخطط للالتزام بوتيرة خفض أسعار الفائدة ربع السنوية في الوقت الحالي، حتى مع تزايد ضغوط الأسعار المحلية وعدم اليقين في الخارج. وأضافت أن أندرو بيلي، محافظ بنك “إنجلترا” أكد على الحاجة إلى تخفيضات “تدريجية” في اجتماع ديسمبر السابق.

وشددت “بلومبيرغ” في الختام على أنه بالنسبة للبنوك المركزية التي تسير على طريق تطبيع السياسات، لن يكون الميل الأخير سلسا. فالتقدم غير المتكافئ نحو معدل تضخم 2%، والصدمات المتوقعة من إدارة ترمب القادمة، وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة المحايدة، كل هذا يزيد من احتمالات المفاجآت.