مسيرة الدَّين العام في 37 عاماً - وكالة Mea News

0 تعليق ارسل طباعة

ننشر لكم زوارنا الكرام تفاصيل هذا الخبر مسيرة الدَّين العام في 37 عاماً اليوم الخميس 6 فبراير 2025 07:15 مساءً

مر قانون الدَّين العام، الذي ينتظر إقرار نسخة جديدة منه الأيام المقبلة، بموجب ما أعلنته وزيرة المالية نورة الفصام، بمحطات عديدة، بدأت عام 1987، عندما أقدمت الحكومة آنذاك على أول إصدار لأذونات الخزانة والسندات بالكويت، ومع كل حديث عنه يدخل النقاش كل مرة في دوامة جدلية الإصلاح وآلية الإنفاق. ويُعد «الدين العام»، بحسب آراء سابقة لجهات رسمية، وسيلة من وسائل سد عجز الميزانية، ويجب أن يكون بمنزلة جسر للعبور من المرحلة التي نحن فيها، وتصاحبه إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية وتنويع مصادر الدخل، وإلا فإن البلد سيعيش في دوامة يصعب الخروج منها.

مشروع «الدين العام» سبق أن قدمته الحكومة إلى مجلس الأمة في أغسطس 2017، إلا أنه قوبل بانتقادات كثيرة وقتها نتيجة رفع سقف الاقتراض إلى 25 مليار دينار، وتركيزه على سد عجز الموازنة دون توجيهه إلى الإنفاق الرأسمالي، ما حدا بالحكومة إلى استرداده وتقديم مشروع جديد في أبريل 2020، وهو المشروع الذي خفض سقف الاقتراض إلى 20 مليار دينار، وتخصيص 8 مليارات منه لسد عجز الميزانية، و12 ملياراً للمشاريع الرأسمالية.

وحتى يكون عبء الاقتراض أقل تتجه معظم الدول إلى توزيع تواريخ الاستحقاق على سنوات مختلفة، وتبقى التكلفة الحقيقية في الاقتراض هي خدمة الدين، وهي التي تسعى مختلف الدول إلى التقليل منها قدر المستطاع، لأنها تمثل التزاماً إضافياً ودورياً على الدولة.

وحول مدى قدرة البنوك المحلية على تلبية احتياجات الدولة التمويلية، أوضح البنك المركزي في رأي سابق عند عرض المشروع على مجلس الأمة في 2020 أنه سبق للبنوك المحلية أن ساهمت في إقراض الدولة لتغطية مصروفاتها، إلا أنه من المهم أن يكون ذلك بشكل حصيف، كي لا نزاحم القطاع الخاص بالاقتراض المحلي، فالبنوك وجدت بالأصل لتمويل ومواجهة احتياجات القطاع الخاص وليس الحكومة.



إضافة إلى ذلك يعتبر القانون إحدى أدوات السياسة النقدية التي تمكن وزارة المالية من التعامل مع السيولة، ومنذ انتهاء صلاحية القانون السابق أصبحت هذه الأداة معطلة.

كما سبق أن بينت الهيئة العامة للاستثمار في 2020 أهمية إقرار القانون، بصفتها الجهة المسؤولة عن إدارة احتياطيات الدولة المتمثلة في احتياطي الأجيال القادمة وهو - وفق القانون - لا يمكن السحب منه، واحتياطي العام للدولة، وهو المسؤول عن سد عجز الميزانية وأمور أخرى خارج أبواب الميزانية، كالعجز الاكتواري للتأمينات وخسائر الكويتية وميزانية التسليح.

وأشارت إلى أنه ونتيجة لانخفاض أسعار النفط زاد السحب من الاحتياطي العام بشكل كبير، ففي بداية السنة المالية كانت السيولة في الاحتياطي العام تبلغ 5 مليارات دينار، أما اليوم فهي أقل من مليار دينار، أي أنها انخفضت بمقدار 4 مليارات خلال 100 يوم، واستمرار الأمور على ما هي عليه يعني عدم قدرة الحكومة على الوفاء بجميع مصروفاتها من رواتب وغيرها في شهر 8 أو 9، وأكدت أن تكلفة الاقتراض وقتها من البنوك المحلية أو العالمية أقل من تكلفة السحب أو الاقتراض من الأجيال القادمة أو تسييل الأصول.

القانون يجب أن يكون جسراً للعبور تصاحبه إصلاحات مالية واقتصادية وإلا فسيعيش البلد في دوامة يصعب الخروج منها

ديوان المحاسبة

وفي رأي سابق لديوان المحاسبة في 2020 أكد أنه «في ظل تفاقم العجز وتراجع إيرادات الدولة، التي تعتمد على النفط بنسبة أكثر من 90 في المئة، لا سبيل أمام الدولة إلا توفير موارد أخرى جديدة، منها الاقتراض، لكن بضوابط وعمل حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والتشريعية».

وبالنسبة للتسلسل التاريخي لقوانين الدين العام، حسبما ورد في تقرير سابق للجنة المالية بمجلس الأمة، فإنه بدأ مع المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987، وكان أول إصدار لأذونات الخزانة والسندات بالكويت في منتصف الثمانينيات، عندما واجهت الدولة عجزاً في الميزانية العامة وانخفاضاً حاداً في الإيرادات النفطية، ولما كان الدستور في مادته 136 نص على أن «تعقد القروض العامة بقانون»، صدر المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987 بالإذن للحكومة بعقد قرض عام، وقد سمح القانون آنذاك للحكومة بعقد قروض لغاية 10 سنوات من تاريخ صدوره، وألا تتجاوز قيمة القروض 1.4 مليار دينار، وانطلقت من حينها المسيرة التاريخية للسندات في الكويت.

ومع تدهور الأوضاع المالية للدولة في ذاك الوقت، اضطرت الحكومة إلى إصدار مرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1989، الذي رفع الحد الأقصى لمبلغ القروض إلى مليار دينار.

وبعد الغزو العراقي الغاشم، وما ترتب عليه من أعباء مالية ضخمة، تحتم على الحكومة اللجوء إلى الاقتراض العام لتوفير الأموال اللازمة لتغطية النفقات المالية الكبيرة، مما اقتضى رفع الحد الأقصى لمبلغ القرض العام المقرر بالمرسوم رقم 50 لسنة 1987، والمعدل بالمرسوم رقم 13 لسنة 1989، فتم صدور مرسوم بالقانون رقم 7 لسنة 1991 لرفع الحد الأقصى للقرض العام إلى 10 مليارات دينار، وقد سمح القانون لأول مرة للحكومة بالاقتراض من الأسواق العالمية وبالعملات الأخرى.

ومع بداية الأزمة المالية العالمية في 2009 قامت الحكومة بإصدار مرسوم بالقانون رقم 3 لسنة 2009 لتمديد مدة الاقتراض 20 سنة تبدأ من تاريخ انتهاء المدة السابقة، وقد أضاف القانون «الصكوك الإسلامية» لتكون أداة من أدوات الاقتراض، إلا أن عدم صدور قانون ينظم الصكوك الحكومية حال دون استخدام هذه الأداة.

القانون يمثل أداة سياسة نقدية تمكن «المالية» من التعامل مع السيولة

عمليات التمويل

وفي 10 أبريل 2017 انتهت مدة الاقتراض المذكورة في المرسوم بالقانون رقم 50 لسنة 1987 والقوانين المعدلة له، فقدمت الحكومة مشروع قانون بالإذن للحكومة بعقد قروض عامة وعمليات التمويل لتمديد المدة ورفع سقف الاقتراض، وأحيل للجنة المالية والاقتصادية في تاريخ 23 أغسطس 2017، ونظراً لعدم توافق الحكومة مع المجلس حول مشروع القانون أصدرت الحكومة المرسوم رقم 68 لسنة 2020 باسترداده نتيجة انتقادات لاذعة وجهت للحكومة وقتها، والتي قامت بتقديم مشروع جديد أخذ في عين الاعتبار وبنسبة كبيرة الملاحظات التي أبداها النواب والمختصون بالشأن الاقتصادي، حيث وجه النسبة الأكبر من الاقتراض إلى الإنفاق الرأسمالي.

وكانت الحكومة تبرر أهمية مشروع الدين العام قبل استرداده كونه يأتي في فترة تعاني فيها ميزانية الدولة من عجوزات متكررة فرضت على الوزارة القيام بعمليات اقتراض وتمويل متنوعة، وفي حال عدم الموافقة على المشروع بقانون سيكون الاحتياطي العام الملاذ الوحيد للحكومة في سد العجوزات، وهذا سيؤدي إلى استنفاذه خلال السنوات المقبلة، وهو ما حدث فعلياً.

ويرى مراقبون ضرورة إعطاء الحكومة ووزارة المالية مرونة في اتخاذ القرار الخاص بمواجهة عجز الميزانية العامة، عبر إقرار «الدين العام»، حتى لا يتم تعطيل السياسة النقدية للبنك المركزي، مع أهمية تحديد نسبة الدين العام من إجمالي الناتج المحلي، بحيث لا يتجاوزها.

وفي الوقت نفسه يجب ألا توجه النفقات الرأسمالية التي ينص عليها المشروع إلى صيانة الطرق وتشييد المباني الحكومية، فهذه لا تعتبر إنفاقاً رأسمالياً، كونها لا تحقق أي مردود مباشر أو غير مباشر للميزانية العامة، بل يجب توجيهها نحو مشاريع إنتاجية تخلق فرص عمل وتحقق عوائد للاقتصاد.

ويضاف إلى ذلك أن يصاحبها «تقديم خطة واضحة حول الإصلاحات الاقتصادية وتنويع إيرادات الميزانية العامة، على أن توضح الحكومة ما هي المشاريع الرأسمالية المسجلة في الميزانية، والعائد المتوقع من هذه المشاريع، وتطوير الكفاءة الإدارية في ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات الجارية وإيقاف الهدر بالميزانية، وضرورة التنسيق بين المالية والجهات ذات الميزانية المستقلة في توريد الأرباح المحتجزة، وأهمية تحقيق إفصاحات وشفافية كافية حول توزيع المسؤوليات بين الجهات التي تدير الدين العام».

في المقابل، كانت هناك تحذيرات سابقة من قبل اللجنة المالية من مغبة «الوقوع في مصيدة الديون، إذ تعد أخطر ما يمكن أن يسببه هذا القانون، أن تلجأ الدولة إلى الاقتراض سنة تلو الأخرى، خاصة إذا كان الاقتراض لسداد الديون المتراكمة ودون أن تصحبه إصلاحات هيكلية في الاقتصاد، وبالتالي تضخم الدين العام وعدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه دائنيها».

مع إعطاء الحكومة مرونة في مواجهة عجز الميزانية يجب توجيه النسبة الأكبر للإنفاق الرأسمالي

50 عاماً

وكانت وكالة بلومبيرغ أكدت في وقت سابق، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن «الكويت قد تقر قانوناً جديداً للدين العام يتيح لها جمع 20 مليار دينار، من إصدارات أدوات دين على مدى 50 عاماً، وأن القانون الجديد المتوقع إقراره سيسمح للبلاد ببيع أدوات دين للمرة الأولى في 8 سنوات».

جدير بالذكر الإشارة أيضاً إلى ما ورد في تقرير مركز الشال الاقتصادي الأسبوع الفائت عندما ذكر أنه «ليس هناك خلاف على مبدأ الحاجة إلى الدين العام كأداة من أدوات السياسة المالية، ولكن ضرره مع استمرار كفاءة النفقات العامة على ما هي عليه من ضَعف، يعني تكرار خطيئة الاقتراض من السوق العالمي عام 2017»، مشدداً على أن «القانون يجب أن يأتي بعد وقف فساد وهدر النفقات العامة، وضمن مشروع نفقات عامة محدد الأهداف وفق برنامج زمني محترم من أجل الارتقاء بكفاءتها، وعدا ذلك، فإنه سوف يضيف مرضاً جديداً، إضافة إلى مرضَي عدم الاستدامة وضعف الكفاءة، وهو مصيدة أو فخ الدّين الخارجي».

على كل يبقى هناك تأييد كبير من المختصين بالشأن الاقتصادي لأهمية إقرار قانون جديد للدين العام، من أجل منح وزارة المالية مرونة في توفير السيولة، وسط وجود تباين بشأن صيغة وتوقيت إقراره، وفي ظل تشديد على ضرورة توجيه النسبة الأكبر منه إلى الإنفاق الرأسمالي، وأن يسبقه الإعلان عن خطة إصلاح اقتصادي شاملة، حتى يكون جسراً للعبور وليس فخاً للوقوع في مصيدة الديون.

مشروع 2020 كان الأقرب للإقرار وشمل أساليب القرض العام

في مايو 2020 أحالت الحكومة إلى مجلس الأمة مشروع قانون بالإذن للحكومة بعقد قروض عامة وعمليات التمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية، وهو آخر المشاريع التي تم تقديمها، وكان الأقرب إلى الإقرار بعد أن أخذت الحكومة ببعض الملاحظات التي أبداها المجلس وقتها على سابقه.

وكانت الحكومة بررت وقتها الحاجة إلى مشروع الدين العام بعدة أسباب، نوردها كما جاءت في المذكرة الإيضاحية لمشروع 2020، حيث قالت: «لقد أعد مشروع القانون الماثل ليكون قانوناً شاملاً بشأن الإذن للحكومة بعقد قروض عامة وعمليات تمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية، وليبدأ العمل به اعتباراً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، ونظراً لوجود دواع مالية ونقدية تتطلب الاستمرار في الاقتراض والحصول على التمويل، فقد رؤي أن تكون مدة الإذن بعقد قروض عامة وعمليات تمويل عشرين سنة تبدأ من تاريخ العمل بالقانون، مع تحديد أجل سداد مبالغ التمويل بما لا يتجاوز ثلاثين سنة من تاريخ إبرام عقد القرض أو عملية التمويل بما يوفر مرونة وتنوعا أكبر في آجال إصدار أدوات التمويل».

وتابعت: «ومن جانب آخر، وفي ضوء الأوضاع الحالية، والنمو الاقتصادي وتنامي حجم الموازنة العامة فإن الأمر يتطلب زيادة القرض العام والتمويل بما يتواءم مع احتياجات الدولة في هذه المرحلة، لذلك رؤي زيادة الحد الأقصى لمبلغ القروض العامة وعمليات التمويل المأذون للحكومة بالحصول عليها إلى عشرين مليار دينار، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الرئيسية القابلة للتحويل، على ألا يتجاوز حدها الأقصى ما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي السنوي، وتنقسم الى قسمين: الأول 8 مليارات دينار، وتكون مرتبطة بتمويل عجز الميزانية، والقسم الثاني ۱۲ مليار دينار، وتكون مشروطة بقيمة المشاريع الرأسمالية المسجلة في الميزانية، ولا تستخدم إلا لهذه المشاريع، وهو مرتبط بموافقة مجلس الأمة على الميزانية العامة للدولة».

وذكرت أنه «وحرصاً على شمول القانون لكل أساليب وأدوات القرض العام وعمليات التمويل فقد جاء النص عاماً بأن يكون ذلك بالأساليب والأدوات المتعارف عليها في هذا الشأن من الأسواق المحلية والعالمية، وبما يشمل أساليب وأدوات القروض العامة والتمويل التقليدية، كالاقتراض المباشر من المؤسسات المالية وإصدار أذون وسندات الخزانة وكذلك أساليب وأدوات التمويل الإسلامية كالصكوك وعمليات التورق وغيرها».

يذكر بأن هذا المقال: مسيرة الدَّين العام في 37 عاماً قمنا بنقله من مصدره الرسمي (الجريدة الكويتية) وقد قام فريق المراجعة في وكالة Mea News بالتأكد منه وربما تم تعديل بعض الأخطاء إن وجدت أو تم نقله كاملاً او الاقتباس منه ويمكنك قراءة هذا الموضوع او متابعته من مصدره الأساسي. وفي الختام نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم عبر وكالة Mea News تفاصيل كافية عن مسيرة الدَّين العام في 37 عاماً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق

انضم لقناتنا على تيليجرام