في تحديثه السنوي لتصنيفات الدخل، أعلن البنك الدولي عن انتقال 3 دول من فئة البلدان متوسطة الدخل إلى فئة البلدان مرتفعة الدخل للسنة المالية 2025، وتشمل هذه الدول بلغاريا، بالاو، وروسيا، التي شهدت تحسناً ملحوظاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي، في خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاديات الوطنية، كما انتقلت 4 دول من الشريحة الدنيا إلى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، وهي: الجزائر، إيران، منغوليا، وأوكرانيا. ويستند تصنيف البنك الدولي إلى نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.

وسجلت بلغاريا تقدماً ملحوظاً في فترة ما بعد الجائحة، حيث حققت نمواً في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1.8% مدعوماً بارتفاع الطلب على الاستهلاك، كما سجلت روسيا زيادة في النشاط الاقتصادي بنسبة 3.6% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، مدفوعة بالانتعاش في قطاعات التجارة 6.8%، والمالية 8.7%، والإنشاءات 6.6%، في الوقت الذي شهدت فيه زيادة كبيرة في الأنشطة العسكرية. كما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بنسبة 11.2%، فيما شهدت بالاو نمواً اقتصادياً طفيفاً بنسبة 0.4% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي. والتي كانت قد بدأت تتعافى بعد تأثيرات الجائحة، في المقابل، ارتفعت الأجور والدخل القومي الاسمي بنسبة 10%، مع بلوغ معدل التضخم 8.1%.

وانتقلت كل من الجزائر وإيران ومنغوليا وأوكرانيا هذا العام من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل إلى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، وذلك وفقاً لآخر تصنيف من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. حيث واصلت منغوليا مسار تعافيها بعد الجائحة، محققة نموًا في الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 7% في 2023. جاء هذا النمو مدفوعًا بالتوسع الكبير في قطاع التعدين الذي شهد نموًا بنسبة 23.4%، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في الصادرات التي ارتفعت بنسبة 53.4%. أما الاقتصاد الأوكراني فقد شهد نموًا بنسبة 5.3% في 2023 بعد الانكماش الحاد في 2022. على الرغم من الصعوبات الاقتصادية الكبيرة نتيجة الحرب مع روسيا، ونتيجة لتحسن النشاط الاقتصادي المحلي وزيادة أسعار السلع والخدمات المنتجة محليًا، ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بنسبة 18.5%. وكان قطاع البناء من أكبر المحركات لهذا النمو، حيث سجل ارتفاعًا بنسبة 24.6% مدفوعًا بزيادة الاستثمارات في جهود إعادة الإعمار.

وسجل الاقتصاد الجزائري نموا بنسبة 4.1% في عام 2023، وأرجع البنك الدولي انتقال الجزائر إلى فئة الشريحة العليا للبلدان متوسطة الدخل لإجراء مراجعة شاملة لإحصاءات الحسابات القومية من قبل مكتب الإحصاء الوطني. هذه المراجعة أسفرت عن زيادة في تقديرات الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.3% في المتوسط عن الفترة من 2018 إلى 2022، مما يعكس تحسين طرق قياس الإنتاج وتغطية الاقتصاد غير الرسمي، بالإضافة إلى إدراج الاستثمارات في البحث والتطوير. فيما حقق الاقتصاد الإيراني معدل نمو قدره 5% في 2023، مدفوعًا بصادرات النفط وتحسن قطاعات الخدمات والصناعات التحويلية. بلغ إجمالي الدخل القومي زيادة بنسبة 39.5% بالقيمة الاسمية، ما أدى إلى زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي بنسبة 17.6% وفق حساب أطلس، بالرغم من انخفاض قيمة الريال الإيراني.

فيما شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة انخفاضًا في تصنيفها هذا العام. فقد تضرر الاقتصاد بشكل كبير من النزاع المستمر في الشرق الأوسط، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.2% بالقيمة الاسمية في الربع الأخير من 2023. أدى هذا الانكماش إلى انخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي إلى مستوى الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، بعد أن كانت قد انتقلت إلى الشريحة العليا في العام السابق.

ويشير تقرير البنك الدولي إلى تغيرات واسعة في تصنيفات البلدان منذ أواخر الثمانينيات. ففي عام 1987، كانت 30% من البلدان مصنفة كبلدان منخفضة الدخل، بينما كانت 25% من البلدان في الشريحة المرتفعة. أما في عام 2023، فقد انخفضت هذه النسب لتصل إلى 12% للبلدان منخفضة الدخل، وزادت نسبة البلدان مرتفعة الدخل إلى نحو 40%.

يذكر أن تصنيفات البنك الدولي تعتمد على معايير تشمل النمو الاقتصادي والتضخم وأسعار الصرف والنمو السكاني، إضافة إلى تحسين أساليب وبيانات الحسابات القومية. كما يتم تعديل التصنيفات سنويًا لمواكبة التضخم باستخدام مُعامل تكميش حقوق السحب الخاصة، وهو ما يعكس التغيرات في اقتصادات العالم مع مرور الوقت. ويعد هذا التحول في التصنيفات يعكس التغيرات الاقتصادية الكبيرة في مختلف أنحاء العالم، مع تزايد أهمية النمو المستدام في المناطق النامية والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي في مناطق أخرى.